حديثُنا في هذه المقالة عن السيارات الكورية.. تاريخها، نشأتها و جودتها!
قبل حوالي 14 سنة، كان المتعارف عليها بين الناس هم 3 شركات سيارات كورية، هم هيونداي، كيا و دايو. وبتلك الفترة انتشروا وانطلقوا وأصبحوا إنتاجهم عالمي على كل المستويات. ولكن في حقيقة الأمر، أنه يوجد أكثر من 13 شركة سيارات كورية أعمارها توصل لـ 40 و 50 سنة، تنتج وتصدر لمعظم دول العالم. وصارت كوريا الجنوبية الآن هي خامس دولة في إنتاج السيارات عالميًا بمتوسط حوالي 4 مليون سيارة في السنة، متفوقة بذلك على إنتاج ألمانيا و فرنسا.
نبذة عن تاريخ كوريا الجنوبية:
كوريا الجنوبية كانت من أفقر دول العالم وكانت تعاني من مجاعة بعد احتلال اليابان لها بين عام 1910 و 1945.. وكان متوسط دخل الفرد السنوي أقل من 100 دولار..
مرت البلد بتقلبات اقتصادية عديدة.. لكن بالتخطيط والعزيمة من البشر هناك، كانت الطفرة!
في إحدى النكسات والتي كانت في عام 1998، عندما كانت البلد على وشك الإنهيار. طلبت الحكومة الكورية من الشعب المساعدة. ملايين من الناس تبرعوا بذهبهم ومجوهراتهم والتي بلغت أكثر من 227 طن، واستطاعوا جمع حوالي 3 مليار دولار – حوالي 5 ونص بوقتنا – والذي أخرج البلاد من الأزمة التي كانوا فيها.
أصبح معدل دخل الفرد الآن هو 39 ألف دولار سنويا، مثل الكثير من بلاد الأوروبية، بل و يفوق بعضهم!
مراحل تطور صناعة السيارات في كوريا:
بدأت صناعة السيارات في كوريا عام 1955، عندما قام رجل أعمال كوري إٍسمه تشوي مو سيونج، بمشاركة اثنين من اخواته، بتوليف محرك على جسم السيارة العسكرية الأمريكية “جيب ويليز” باستخدام معدن من أسطح براميل بترول، لمحاكاة جسم السيارة. سميت تلك السيارة “سبل” والتي تعني “البدايات”. كانت تصنع تلك السيارات على استحياء، إلى أن دعمته الحكومة الكورية، و بدأت الناس هناك تقتنع بالسيارة وصارت دارجة حتى عند التكاسي، واستمرت 8 سنوات.
و في نفس تلك الفترة، أصدرت الحكومة فرمان تجبر فيه أي شركة عالمية مصنعة للسيارات تريد أن تشتغل في كوريا، عن وجوب مشاركتهم لشركة سيارات محلية. وكان نتاج ذلك الأمر، ولادة شركات مثل كيا، والتي كانت تجمع سيارات مازدا. وولادة سينارا التي كان بينها وبين نيسان تعاون. وآسيا وهونداي والي كان التعاون الفني مع شركة فورد. في عام 1963 توقف إنتاج السيارة سبل تمامًا وانطلقت صناعة السيارات مع تلك التحالفات والشراكات.
وللعلم، لم تكم تلك الشركات شركات صناعة سيارات بالمفهوم الكبير، بل كانت شركات تجميع سيارات. فكل القطع كانت تصنع في بلدان الشركات الأم ويتم تجميع السيارة في كوريا. و عادةً ما تكون هذه بداية مقومات الصناعة، والتي أصبحت الآن صناعة كاملة لقطع السيارة في كوريا.
وفي عام 1975، كانت صناعة أول سيارة كورية على شكل واسع وكانت شركة هيونداي بوني، ويمكن لازم تسمى سيارة الأمم المتحدة. حيث كانت المساعدة المالية من بنك فرنسي، طريقة التصنيع والتركيب كانت مع بريطانيا، التصميم كان من شركة إيطالية و المحرك والجير كانوا من ميتسوبيشي اليابانية.
و بعدها بحوالي عام، صارت هذه السيارة تُصدر وتُباع في الخارج. وكانت دعايتها على التلفزيون بالأبيض والأسود وجملتها الشهيرة، “بوني السيارة التي تشق طريقها في الصحراء”.
في عام 1982، بدأت شركة دايو بتصنيع السيارات و تخبطت كثيرًا إلى أن تم شرائها عن طريق شركة جي أم في عام 2001، و غيرت شعارها من شعار دايو إلى شعار شفروليه وصارت ذراع جي أم في آسيا. الآن اللاعبين الكبار هم هونداي، كيا وجي أم. هونداي منفردة تبيع حوالي 800 ألف سيارة لأمريكا فقط.
كانت الصناعة في السابق عادية، و دائمًا ما يقلدون الغير. هيونداي في بداية الـ 2000 واكتفوا بكونهم مصنعين وحسب. فتم وضع خطة للتصنيع بجودة عالية، وكانت الانفراجة! اليوم السيارات الكورية بدأت تنافس ببعض موديلاتها فخامة وجودة السيارات الألمانية، و صارت كوريا خامس مصنع سيارات في العالم.
و لبيع سيارات أكثر في ظل الركود الاقتصادي التي واجهته أمريكا في عام 2008، هيونداي عرضت على أي أحد قام بشراء سيارة هيونداي، أنه إذا تم فصله أو ترك عمله بسبب الوضع الاقتصادي، يستطيع استرجاع السيارة ويسترد ثمنها. في العام التالي، عرضت هيونداي على أي أحد يشتري سيارة هيونداي، ويستبدل التويوتا، أن يأخذ ألف دولار. تلك الأفكار المبتكرة في البيع مع تقديم بعض التنازلات، أصبحت كوريا تسدد ديونها للبنوك قبل 3 سنوات من وقتها.
جودة السيارات الكورية:
مما لا شك فيه، أنها سيارات عالية الجودة، وتكاد تصل للياباني وربما تفوق بعضه. ولو طُرِح السؤال قبل 15 عام، كان الأغلب ينحاز للياباني! ففي عام 2010 مثلًا، كان نادرًا ما تجد سيارة كورية عمرها 8 أو 10 سنوات. لكن ممكن جدًا تجد سيارات يابانية عمرها 15 و 20 سنة! هذا لأن السيارات اليابانية تعمر وتعيش بشكل كبير.
و في تقرير عام 2013 عن عدد الأعطال بكل 100 سيارة. كل ما تأخر الترتيب كان أفضل.. لكزس الأولى وتويوتا الرابعة وفي 6 شركات يابانية في أول 10 شركات. كيا وهيونداي احتلوا المركز 22 و 23.
وتقرير آخر عن عدد الأعطال بعد 9 سنوات فقط في 2022، كيا احتلت المركز الأول والثالث احتلته هيونداي. ولذلك، أُعيد النظر في كون السيارات الياباني هي الاختيار الأفضل.. حيث أن تويوتا ولكزس، اللذان يعتبران من أفضل السيارات اليابانية، احتلوا المركز الخامس والسادس وبعدهم مازدا في المركز الـ 12.
التكنولوجيا الكورية:
كوريا سباقة في ما يتعلق بالإلكترونيات والتكنولوجيا. ولمعرفة مدى تقدمهم، جرب زيارة أي معرض سيارات كوري لترى المميزات الجبارة الي صارت متوفرة عندهم. كما حدث مع تقنيات الرادار وتقنيته الموجودة في كيا.
أما عن الفخامة في السيارات الكوري، فحدث ولا حرج! فالسيارة الجنسس مثلًا سواء الشكل الخارجي أو من الداخل، لن تشعر سوى أنك جالس بأحد أفخم الماركات العالمية.
الملاحظة الوحيدة الآن، أنه قبل 20 سنة، الفرق في الأسعار بين السيارات الكورية والسيارات اليابانية كان شاسع. وقد يصل دون مبالغة، إلى حوالي 40%.. أما الآن، الأسعار تعتبر متقاربة جدًا من الياباني، بل ولبعض الموديلات، السعر أكثر من الياباني. والأكيد أن فرق العملة وقوة الاقتصاد يلعبوا دور كبير. لكن السعر لم يعد نقطة قوة للكوري كما كان.
قصة جميلة لبلد وشعب مجتهد، ففي خلال 60 سنة، يعني جيلين فقط، استطاعوا قلب الكفة من أفقر الشعوب، إلى أغنى اقتصادات العالم. لاشك إنهم عانوا وتعبوا، كنهم وصلوا.
ولمعرفة تفاصيل أكثر عن السيارات الكورية، اضغط على الرابط للحلقة الكاملة:
https://www.youtube.com/watch?v=s9qoaLIEzOo


